الموقع الرسمي للمنظمة التونسية للتربية و الأسرة
www.otef.org.tn هذا هو الموقع الرسمي والوحيد للمنظمة التونسية للتربية والأسرة وموقع portail-otef.org لا يمثل المنظمة.
* * * تهنئ المنظمة التونسية للتربية والأسرة كافة التلاميذ والطلبة بالعودة المدرسية والجامعية * * *التقريرين الأدبي والمـــالي المصادق عليهما في المؤتمر الوطني الثالث عشر***البيان الأول للهيئة الإدارية* * *البيان الثاني للمكتب الوطني للمنظمة التونسية للتربية والأسرة* * *قائمة أعضاء المكتب الوطني للمنظمة التونسية للتربية والأسرة* * * نداء المنظمة* * * أهم الأخبار 
المدرسة التونسية بالدوحة
 
صــدى المنظمة
 

رئيس المنظمة الوطنية للتربية والأسرة:
إهمال نفسية التلميذ وواقع الأسرة يؤدي بالضرورة إلى فشل أيّ مشروع تربوي

2011/06/04

        إصلاح مناهج التعليم من المواضيع التي تستأثر اليوم باهتمام العاملين في المجال التربوي.. فالتجارب المُسقطة التي عرفتها بلادنا منذ الاستقلال وإلى اليوم أدّت إلى تذبذب في البرامج الدراسية على المستوى التطبيقي.. وكانت منطلقات ثورة الحرية والكرامة والمبادئ التي قامت عليها تقود بالضرورة إلى فتح ملف المنظومة التربوية الوطنية من كل أبوابه. حول هذا الموضوع «الشروق» تحدثت إلى السيد سالم المكي رئيس المنظمة الوطنية للتربية والأسرة.

        يعتبر السيد المكيّ «إن الدخول في تفاصيل الإصلاح التربوي سابق لأوانه الآن.. فالحديث يطول حول «الكفايات الأساسية» مثلا أو تعليم اللغات وتنقية المناهج من عديد الشوائب ومنظومة الارتقاء ومكانة التقنيات الحديثة في العملية التعليمية وتطوير الظروف المهنية والبيداغوجية للمربين... ولكن ينبغي التأكيد من الآن على أنه إذا حققت الثورة مصالحة المواطن التونسي مع وطنه ومع مستقبله فإن الإصلاح التربوي المنشود ينبغي أن يكون كفيلا بتحقيق مصالحة الدارس مع مدرسته لأننا كنّا في السنوات الطويلة الأخيرة نتابع بكامل المرارة والحسرة هذه التوترات التي برزت تدريجيا بين التلميذ والمدرسة ممثلة في إدارتها وأسرتها التربوية والتي ترجمتها توترات أخرى بين المدرسة والأسرة وهي كلّها تعبيرات موضوعية عن فشل مشروع منغلق أهمل الجوانب النفسية للتلميذ والواقع الجديد لأسرة تونسية تلهث وراء لقمة العيش تحت ضغوطات اجتماعية واقتصادية يرزح تحت أعبائها في غالب الأحيان الأب والأم في نفس الوقت، على حساب الأدوار التربوية للأسرة».
فضاء ضاغط
        ويضيف محدثنا قائلا: «أصبحت المدرسة في وجدان التلميذ فضاء ضاغطا بسبب مشاكل الزمن المدرسي الذي لا يتلاءم لا مع حاجيات التلميذ ولا مع الزمن الأسري وغياب آليات التفاعل الإيجابي بين التلميذ والإطار المدرسي الذي يعيش فيه وغياب الأنشطة الفكريّة والثقافية والرياضية التي هي مكمل أساسي وضروري للعملية التعليمية لذلك وجب تشريك التلاميذ في الاستشارة حول الإصلاح التربوي بنفس القدر الذي يجب به تشريكهم في مجالس تسيير المؤسسات التربوية على أساس معقول وفي الإطار الملائم الذي تتوافق الآراء حوله. وهو ما سيساهم في إعادة بناء العلاقة الحميمة الإيجابية بين الدارس ومدرسته، تلك العلاقة التي لا تستقيم العملية التربوية بدونها».

        ويواصل رئيس منظمة التربية والأسرة قائلا إنه لا شك أنّ الإصلاح الجذري الضروري للمنظومة التربوية هو أمر على غاية من الثقل والتعقيد وعمل يتطلب وقتا وطول نفس وتعبئة كل الجهات المعنية وهي كثيرة ولكن الحاجة تدعو إلى الإنطلاق في هذا العمل الضروري منذ الآن ومن بداياته بإقتراح المنهجية الملائمة لمعالجة الموضوع والتذكير بالثوابت التي ينبغي طرحها من جديد على مائدة الحوار الوطني».

رفض أحادية الرؤية
        كما يعتبر محدثنا «إنّ المقاربة الجديدة التي ينبغي أن نتوخّاها في مجال الإصلاح التربوي في هذه المرحلة الجديدة الواعدة من مسارنا الوطني تتطلّب تمشيا منهجيا جديدا يقوم بالأساس على رفض أحادية الرؤية ومركزية القرار، تمشيا يضع الجهات الدّاخلية في صدارة الإهتمام في إطار ما يمكن أن نسميه تمييزا إيجابيا يهدف إلى ردم الفجوة التي صنعتها سنوات من التخطيط المركزي المنغلق المتقوقع في أدوات وأطر مرجعية منمّطة تغطي الحقائق وتبسّط الأمور وتقود حتما إلى الخطإ والفشل».

        ويواصل قائلا: «جهاتنا الدّاخلية في الوسط والشمال الغربي والجنوب لها كامل الحقّ في الحصول على الدعم الأقصى من الدولة في كافة مجالات التنمية وبالخصوص في المجال التربوي وذلك في مستوى تعزيز البنية وتوفير التجهيزات والاستفادة من التقنيات الحديثة ولكن كذلك وبالتأكيد في تحفيز الإطار التربوي الكفء للإقبال على العمل في تلك الجهات. بطبيعة الحال كلّ هذا وغيره من الأفكار الأولية تخمين ينبغي أن يخضع للدرس والنظر والتدقيق وهو ما يطرح مسألة جوهرية هي مسألة الاستشارة حول الإصلاح التربوي كيف تتم ومن يشرف عليها ومن يشارك فيها. وهي أسئلة تحتاج إلى أجوبة جديّة مسؤولة تقطع مع التمييع والتبسيط والتهميش».
شرطان أساسيان
        ويرى رئيس منظمة التربية والأسرة أنه يمكن التأكيد على شرطين أساسيين هما أوّلا تعميم الإستشارة لتشمل جميع المعنيين بالمسألة التربوية وثانيا تنويع مداخل الاستشارة وتطوير آلياتها بما يمكّن من الإنصات المباشر وغير المباشر للجميع : الأسرة التربوية أوّلا والأولياء والخبراء وسائر القوى الحية وفي مقدمتها الطرف النقابي وكذلك الإعلاميون ومكوّنات المجتمع المدني ذات العلاقة دون إهمال التلاميذ، فهؤلاء هم محور العملية التربوية وهدفها والمستفيدون منها ولا يمكن قياس أداء العملية التربوية إلا من خلالهم. ثم إن الاستشارة ليست فقط تلك التي تتم في المجالس الكبرى والمنابر التي ترتادها القوى السياسية ونشطاء المجتمع المدني أو كذلك تلك الجلسات المخبرية التي يؤمها الخبراء وأهل الاختصاص بل يمكن توسيعها إلى آليات أخرى تمكّن من سبر الآراء والانصات غير المباشر للمعنيين في شكل دراسات علمية ميدانية تشمل عيّنات ممثّلة لأطراف العملية التربوية وتقوم على استجوابات علمية دقيقة يتم تحليلها حسب الطرق الكمية والنماذج الرياضية المعمول بها».

وإذا تمت الاستشارة على أسس منهجية دقيقة وعلمية وشملت كل الأطراف بمن فيهم التلاميذ فإنها ستفضي بالتأكيد إلى نتائج كفيلة بالاهتداء إلى الإصلاحات والتعديلات الضرورية التي تقتضيها المرحلة وترتقي إلى تطلعات شبابنا بحسب قول السيد المكّي.

        ويختم محدثنا بقولة لابن خلدون في فصل من المقدمة تحت عنوان «في أن الشدة على المتعلمين مضرّة بهم» : «ومن كان مربّاه بالعسف والقهر [...] سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحُمل على الكذب والخبث[...] وعلّمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني الانسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدّن.»

        ويعلق عليها قائلا: «واضح من كلام ابن خلدون أن الإستبداد معطّل للنشاط ومكرّس للكسل وأن العمل لا يزدهر إلاّ في مناخ الحريّة وأن البحث عن إطلاق المبادرة والدعوة إلى الإبداع والابتكار هو خطاب لا يستقيم إلاّ في محيط الديمقراطية وضمان الحرّيات تلك الشروط التي توفّرت اليوم في بلادنا وهو ما سيمكّن المدرسة التونسية من أسباب النجاح في ترسيخ قيم العمل والإجتهاد والمبادرة الخلاقة والتعويل على الذات، تلك القيم التي لا تتأسّس المجتمعات الديمقراطية الحرّة إلاّ عليها».

إسماعيل الجربي
 
 
 
 
جمــيع الحقوق محفوظة  © 2009 المنظمة التونسية للتربية والأسرة